- سافر ثلاثة من الشباب إلى دولة بعيدة لأمرٍ ما، وكان سكنهم في عمارة تتكون من 75 طابقاً..
- ولم يجدوا سكناً إلاَّ في الدور الخامس والسبعين.
- قال لهم موظف الاستقبال: نحن في هذه البلاد لسنا كنظامكم في
- الدول العربية.
- فالمصاعد مبرمجة على أن تغلق أبوابها تلقائياً عند الساعة (10)
- ليلاً،
- فلا بد أن يكون حضوركم قبل هذا الموعد.. لأنها لو أغلقت لا
- تستطيع قوة بشرية أن تفتحها، فالكمبيوتر الذي يتحكم فيها من مبنىً بعيدٍ عنا!
- مفهوم؟! قالوا: مفهوم .
- وفي اليوم الأول.. خرجوا للنزهة.. وقبل العاشرة كانوا في سكنهم
- لكن ما حدث بعد ذلك أنهم في اليوم التالي تأخروا إلى العاشرة
- وخمس دقائق وجاءوا بأقصى سرعتهم كي يدركوا المصاعد لكن
- هيهات!! أغلقت المصاعد أبوابها! توسلوا وكادوا يبكون! دون
- جدوى.
- فأجمعوا أمرهم على أن يصعدوا إلى غرفتهم عبر (السلالم- الدرج)
- مشياً على الأقدام!..
- قال قائل منهم: أقترح عليكم أمراً؟
- قالوا: قل. قال: أقترح أن كل واحدٍ منا يقص علينا قصة مدتها مدة
- الصعود في (25) طابقاً.. ثم الذي يليه، ثم الذي يليه حتى
- نصل إلى الغرفة
- قالوا: نِعم الرأي.. توكل على الله أنت وابدأ
- قال: أما أنا فسأعطيكم من الطرائف والنكت ما يجعل بطونكم تتقطع
- من كثرة الضحك! قالوا هذا ما نريد.. وفعلاً حدَّثهم بهذه
- الطرائف حتى أصبحوا كالمجانين.. ترتج العمارة لضحكهم.
- ثم.. بدأ دور الثاني فقال: أما أنا فعندي لكم قصصٌ لكنها جادة
- قليلاً.. فوافقوا.. فاستلمهم مسيرة خمسة وعشرين طابقاً أخرى.
- ثم الثالث.. قال لهم: لكني أنا ليس لكم عندي إلاَّ قصصا مليئة
- بالنكد والهمِّ والغمِّ.. فقد سمعتم النكت.. والجد.. قالوا:
- قل.. أصلح الله الأمير!! حتى نصل ونحن في أشد الشوق للنوم
- فبدأ يعطيهم من قصص النكد ما ينغص عيش الملوك! فلما وصلوا إلى
- باب الغرفة كان التعب قد بلغ بهم كل مبلغ.. قال: وأعظم قصة
- نكد في حياتكم.. أن مفتاح الغرفة
- نسيناه لدى موظف الاستقبال في الدور الأرضي!
- فأغمي عليهم.
- الشاب – منا- يلهو ويلعب ، وينكت ويرتكب الحماقات ، في
- السنوات الخمس والعشرين الأولى من حياته.. سنواتٍ هي أجمل سنين
- العمر.. فلا يشغلها بطاعة ولا بعقل
- ثم.. يبدأ الجد في الخمس والعشرين الثانية.. تزوج.. ورزق
- بأولاد.. واشتغل بطلب الرزق وانهمك في الحياة.. حتى بلغ
- الخمسين.
- ثم في الخمس والعشرين الأخيرة من حياته – وأعمار أمتي بين الستين
- والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك كما في الحديث- بدأ النكد..
- تعتريه الأمراض.. والتنقل بين المستشفيات وإنفاق الأموال على
- العلاج.. وهمِّ الأولاد.. فهذه طلقها زوجها.. وذلك بينه وبين
- إخوته مشاكل كبيرة وخصومات بين الزوجات ،تحتاج تدخل هذا
- الأب ، وتراكمت عليه الديون التي تخبط فيها من أجل إسعاد أسرته
- ،فلا هم الذين سعدوا ولا هو الذي ارتاح من هم الدَّين
- حتى إذا جاء الموت.. تذكر أن المفتاح.. مفتاح الجنة.. كان
- قد نسيه في الخمس والعشرين الأولى من حياته.. فجاء إلى الله
- مفلساً.. “ربِ ارجعون..” ويتحسر و يعض على يديه “لو أن
- الله هداني لكنت من المتقين” ويصرخ ” لو أن لي كرة..”
- فهيهات هيهات
- قال الله تعال ( لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور)